بنية السرد الروائى عند إدريس على

Faculty Art Year: 2009
Type of Publication: Theses Pages: 179
Authors:
BibID 10403066
Keywords : السرد الأدبي    
Abstract:
تجسد الرواية عالمًا نصيًّا ، يطرح فيه الأديب العديد من القضايا التى تمس المجتمع ، محاولاً تمثيل هذا العالم الذى ينتمى إلى الواقع ، بكل ما يحتويه من متناقضات ، وأشكال متباينة ، فى صورة لا تبدو محاكية تمامًا لما يحدث فى الواقع ، وإنما تتراءى مغلفة برؤية الأديب الخاصة .وقد اتجهت معظم الدراسات النقدية الحديثة فى الآونة الأخيرة إلى دراسة الشكل الجمالى للرواية ، وبيان سماته الفنية ، بعدما طال العهد على كثير من الدراسات الكلاسيكية ، التى كانت تركز على المضمون وتحليله وربطه بالواقع الاجتماعى تارة أو وضعية الأديب وثقافته تارةأخرى .وإثر التطورات المتلاحقة فى المجتمع ، ظهرت بوادر التجديد فى مجال الإبداع الروائىفى الستينيات ، ولكن لم تتضح معالم هذا التجديد – بحيث أصبحت تشكل ملمحًا بارزًا فى بعض الأعمال الروائية – إلا فى المراحل التالية ، فقد « حاول معظم كتاب الستينيات - ومن جاورهم منالجيل السابق وبعض من لحق بهم من كتاب العقود التالية – أن يهجروا الشكل التقليدى ، والوافد بحثًا عن نموذج جديد للسرد القصصى ، يمزج بين الأصيل والوافد ، ويجمع بين سمات القديم والجديد .»(1) .ويعد إدريس على واحدًا من كتاب الستينيات ، الذين أثروا ومازالوا يسهمون فى تطور الحركة الروائية فى مصر ، ولا يرجع تميز هذا الكاتب إلى انتمائه لجيل الستينيات وحسب ، بل تتباين كتابته الروائية ، عما يبدو فى نمط أقرانه من أبناء جيله سواء من حيث الشكل أم المضمون، فتطرح رواياته بعض القضايا المعاصرة فى جرأة ملموسة ، لم يُقدم عليها كثير من الكتاب ، كما تتبدى معظم رواياته علامة متميزة فى الأدب النوبى المعاصر ، حيث تجسد الآثار السلبية التى لحقت بالجنوب / النوبة بعد تعلية خزان أسوان مرتين ، ثم بناء السد العالى ، الأمر الذى أدى إلى غرق النوبة ، وتهجير النوبيين إلى الشمال ، بطريقة بها غير قليل من التعسف والقسوة .أما اختيار الموضوع (بنية السرد الروائى عند إدريس على)،فيعزى– كذلك- للأسباب الآتية :1- تميز نتاج الكاتب ورؤيته الحكائية التى تنماز بالثراء التكنيكى ، والتنوع والعمقالدلالى / الرمزى .2- موقع إدريس على المؤثر فى الرواية العربية بشكل عام والأدب النوبى بشكل خاص .3- عدم وجود أية دراسة أكاديمية أو نظرية متخصصة تتناول هذا الإبداع بالدراسة ، واقتصر الأمر على بعض المقالات ، التى تعرض نماذج حكائية منفردة ، ولا تتناول نتاجه الروائى بشكل متكامل .ومن ثم فقد ارتأى البحث دراسة بنية السرد الروائى عند إدريس على ، باعتباره جنسًا أدبيًّا طرأت عليه بعض متغيرات فنية ملحوظة فى نمط كتابته ، تميزه – كثيرًا – عن التقاليد الروائية التى سبقته .مكانة إدريس على الأدبيةينتمى إدريس على إلى جيل من الكتاب الذين تُحْسَب لهم أولى محاولات الخروج من الإطار الحكائى التقليدى ، وهو من مواليد بلاد النوبة ، أسوان ، وقد نشرت أول قصة له فى مجلة صباح الخير الصادرة فى يناير 1969 ، ثم توالت أعماله القصصية بعد ذلك .وقد حصل ” إدريس على ” على الجائزة الأولى من جامعة أركنساس بأمريكا ، بعد ترجمة رواية دنقلة للإنجليزية سنة 1997 ، كما حصل على المركز الأول من معرض الكتاب عام 1999 عن رواية انفجار جمجمة (1) .ومن أهم أعماله الأدبية1- المبعدون ” مجموعة قصصية ” ، كتاب المواهب ، وزارة الثقافة ، القاهرة ، ط1 ، 1985 .2- واحد ضد الجميع ” مجموعة قصصية ” ، مطبوعات الفجر ، القاهرة ، ط1 ، 1987 .3- دنقلة ” رواية ” ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، ط1 ، 1993 .4- وقائع غرق السفينة ” مجموعة قصصية ” ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، القاهرة ، ط1 ، 1994 .5- انفجار جمجمة ” رواية ” ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، ط1 ، 1997 .6- النوبى ” رواية ” ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، ط1 ، 2001 .7- اللعب فوق جبال النوبة ” رواية ” ، دار ميريت ، القاهرة ، ط1 ، 2002 .8- تحت خط الفقر ” رواية ” ، دار ميريت ، القاهرة ، ط1 ، 2005 .9- مشاهد من قلب الجحيم ” رواية ” ، المجلس الأعلى للثقافة ، ط1 ، 2006 .وسوف تهتم الدراسة بمعالجة الخطاب الروائى لإدريس على من خلال أربع روايات أساسية ، ثلاث منها تجرى أحداثها فى بلاد النوبة ، وهى ” دنقلة ” ، و ” النوبى ” ، و ” اللعب فوق جبال النوبة ” ، أما الرواية الرابعة ” انفجار جمجمة ” فتأخذ توجها سياسيًّا صريحًا ، ولن تعرج الدراسة على الروايتين الأخريين ” تحت خط الفقر ” ، و ” مشاهد من قلب الجحيم ” ، لما لهما من طابع السيرة الذاتية ، فهما يعدان سيرة فى قلب رواية ، إن جاز التعبير .إدريس على والأدب النوبىظهر فى الساحة الإبداعية المعاصرة ما يُعرف بالأدب النوبى ، وهو أدب يعبر عن جماعة بعينها ، ذات مواصفات خاصة ، تقطن فى بيئة نوبية ، تنظمها عادات وتقاليد موروثة ، على أرض لها سجل تاريخى عريق .بيد أن الأدب النوبى – كغيره من أدب البيئات الأخرى – يعد جزءًا من نسيج الأدب العربى، فهو يحمل من سمات هذا الأدب ، بالقدر الذى تظهر به خصوصيته فى الكتابة ، مفجرًا العديد من القضايا ، التى طالما شغلت الشعراء والأدباء النوبيين .أما إذا التفت البحث إلى بدايات الرواية النوبية بوصفها شكلاً من الأدب النوبى ، فسنجدأن رواية الشمندورة * لخليل قاسم تبدو الرواية الأم ، التى تفرعت عنها الكثير من الإبداعات النوبية ، على يد بعض الكتاب النوبيين أمثال حسن نور ، وحجاج أدول ، ويحيى مختار ، وإدريس على ( ) .وقد ظل غرق النوبة ومحاولة بعثها من جديد قاسمًا مشتركًا بينهم ، لذا فكثير من الروايات التى كتبها أدباء النوبة بمثابة « عدودة روائية تنعى قطعة من الماضى الجميل – تذكر به . وتعدد مفرداته ... ونشير هنا إلى أن الروائيين النوبيين يتفقون فى روح العدودة وبيان حزنهم على الأرض وما عليها من ذكريات . وهم يمتلكون جميعًا قدرة على الاندهاش مما حدث ، وقدرة على الإدهاش مما يكتبون .» ( ) .يتراءى إدريس على فى طليعة الكتاب النوبيين ، الذين عبَّروا عن غرق النوبة ، إثر التعليات المتوالية لخزان أسوان ، والآثار السلبية التى أحدثها الغرق ، مثل عمليات التهجير ، والإحساس بالفقد الجمالى الذى اعترى المكان .لم يتوقف الكاتب عند تصوير الأماكن التى أُزيلت من الخارطة ، وما صحبها من ألم نفسى اجتاح شخصياته ، بل نجده يعقد تصالحًا جديدًا مع الحكومة المصرية ، ويحاول التعايش مع الواقع الجديد ” رواية النوبى ” ، وفى أحيان أخرى يثور على التقاليد النوبية الجامدة محاولاً الاستفادة من عادات الشمال ، حتى يصل فى النهاية إلى أنه لا فرق بين الشمال والجنوب ، فالأزمات واحدة، ومن ثم ينطلق الكاتب إلى التعبيرعن هموم الإنسان عمومًا ، وبذلك يختلف عن معظم الكتاب النوبيين الذين توقفوا عند النعى على الأرض المفقودة ، معتمدًا على أسلوبه الساخر الذى يقوم على الثنائية الضدية .الدراسات السابقة- د . على الراعى : الرواية فى نهاية قرن ، دار المستقبل ، القاهرة ، 2000 . حيث حدد الدارس فى هذا الكتاب بضع صفحات ، تناول فيها روايتى ” انفجار جمجمة ” و ” دنقلة ” ، واقتصرت معالجته على عرض أهم أحداث الروايتين ، والكشف عن المغزى منهما ، ومدى علاقتهما بالواقع الاجتماعى ، ومن ثم فلم تتناول الدراسة أيًّا من عناصر البنية الروائية .- يوسف الشارونى : قراءة فى رواية النوبى لإدريس على ، مجلة المحيط ، العدد 8 ، يونيو 2002 . توقفت الدراسة عند إنارة النص ، والكشف عن أبعاده الرمزية ، وربط الأحداث بالواقع النوبى ، كما توقفت بشكل عابر عند بعض الشخصيات التى وردت فى الرواية ، دون التعرض لأى مكون من مكوناتها ، أو تناول كيفية بنائها .- مجلة الثقافة الجديدة ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، العدد 77 ، فبراير 1995 . وقد خصصت هذه المجلة ملفًّا خاصًّا عن إدريس على ، يتكون من عدة مقالات تحاول طرح مجموعة من التحليلات النقدية لرواية ” دنقلة ” ، ومن أهم هذه المقالات :1- د. مدحت الجيار : دنقلة : الكابوس السياسى ومحاولة العودة إلى الجنوب ، وأهم ما جاء فى هذه الدراسة :(1) عرض بعض المواقف التى وردت فى الرواية .(2) الاقتصار على تناول تقنيتى الاسترجاع والحذف ، وإغفال بعض التقنيات الأخرى المستخدمة فى بنية الزمن السردى فى الرواية ، مثل الوقفة ، والمشهد ، والاستباق .(3) التوقف عند ضمير الغائب (هو) المسيطر على السرد فى الرواية ، وإهمال بعض التقنيات والعناصر السردية الأخرى .(4) دراسة موجزة عن المكان الروائى ، دون الوقوف عند أنماطه ، أو بيان علاقته بالعناصر الروائية الأخرى مثل الشخصية والزمان .وقد عرض الناقد الدراسة نفسها فى كتاب السرد النوبى المعاصر ، وجاءت ضمن مجموعة من الدراسات عن روايات نوبية أخرى .2- محمد محمود عبد الرازق : إدريس على السائر على الماء ، اقتصرت هذه الدراسة على التعليق على الأحداث ، وربطها بواقع الكاتب ، بشكل إجمالى ، دون الوقوف عند تفاصيل تكنيكية أخرى .3- حسين عيد : قراءة فى رواية دنقلة لإدريس على – هجائية تحذير من خطر التطرف ، ركزت هذه الدراسة على التغيرات التى بدت على الشخصية المحورية فى الرواية ، والمصائر التى آلت إليها الشخصيات .- د. جابر عصفور : كتابة النوبة وإدريس على ، جريدة الأهرام ، 12 مايو ، 2003 . وقد قامت الدراسة بما يلى :(1) عرض سريع لسيرة الكاتب ، وأهم أعماله .(2) التعرض لرواية ” دنقلة ” ، وفك بعض رموزها .(3) التعليق على رواية ” اللعب فوق جبال النوبة ” ، كما تعرض الناقد للتمثيل الاحتجاجى ، الذى يعد سمة بارزة فى الرواية .بناءً على ما سبق ، فهذه المقالة تتماثل مع غيرها من المعالجات السابقة فى عدم التعرض للعناصر المشكلة للبنية الروائية عند الكاتب .- د. مراد عبد الرحمن : آليات السرد فى الرواية النوبية ، دار حراء للنشر والتوزيع الجامعى ، القاهرة ، 1994 . أومأ البحث سريعًا إلى آليات السرد فى رواية دنقلة ، وقد تعرض إلى ما يلى :أ – الصيغ السردية والسارد :أبانت المعالجة هيمنة الصيغة الماضية على الصيغة المستقبلية ، واعتماد السرد فى الرواية على ضمير الغائب .ب- تشكيل الحدث :تتصدى الدراسة لمحورين :(1) السرد والتتابع الحدثى .(2) السرد الحدثى والعملية الطقسية .ج- تشكيل الشخصية :وقد رُكِّزَ على الدور الوظيفى للشخصية فى الرواية ، وطبيعة السرد وعلاقته بالشخصية .د- السرد والتشكيل الزمانى والمكانى :توقفت الدراسة عند الزمن الداخلى فى الرواية ، كما تعرضت للمكان الروائى ، مبينة العلاقة بينهما .وبالرجوع إلى هذه الدراسة ، نجد أنها أشارت سريعًا إلى بعض آليات السرد فى رواية” دنقلة ” ، وليس بشكل تفصيلى ، كما أنها لم تقدم الأمثلة المتنوعة التى توضح رؤيتها ؛ ويعزى ذلك إلى التوجه العام للدراسة ، حيث اهتمت بالسرد النوبى فى إجماله ، ومن ثم فقد جاءت رواية دنقلة فى ثنايا المعالجة العامة .فى ضوء ما تقدم يتضح أن معظم هذه الدراسات تفتقر إلى التفصيل ، حيث اقتصرت على عرض الأحداث ، والتعليق عليها ، وربطها بالواقع ، كما أنها لم تتناول عناصر البنية الروائية عند الكاتب بشكل متكامل ، بل اكتفت بالإشارة إليها فى سرعة خاطفة ، إضافة إلى أنها لم توفِ كل عنصر حقه من الدراسة ، ولم تعالج جميع روايات الكاتب ، وإنما أومأت إلى رواية دنقلة وحسب .منهج الدراسة
   
     
PDF  
       
Tweet