الأسواق والتجارة الداخلية فى مصر المملوكية(648 - 923)

من الملامح الرئيسية للمدن أنها ذات طابع تجارى ، بل أن بعض الباحثين يعزو نشأة المدن أصلاً إلى أنها مراكز للتبادل التجارى ، كانت تنشأ عند ملتقى طرق التجارة ، وتمثل الأسواق مركز النشاط التجارى بصوره ومراحله المختلفة التى انعكست انعكاساً مباشراً على نمطية الأسواق وأنواعها ، لذلك احتلت أسواق مصر المملوكية مركز الصدارة فى زمن ملئ بالأحداث . وقد ساعد على ازدهار الأسواق موقع مصر الجغرافى الذى يمثل مركز الثقل التجارى بالنسبة إلى أوربا وبلاد المحيط الهندى وإلى جانب انتقال مركز الخلافة إلى القاهرة وكذلك الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى شهدته البلاد مما كان له أكبر الأثر على التجارة الداخلية والخارجية .ويدخل اهتمام المماليك بالأسواق فى إطار سياسة الدولة التى وجهت إلى تعمير المدن وفقاً للتطور الاقتصادى وكان من ضمن الأنشطة الاقتصادية الأخرى التى اهتم بها المماليك أن ركزوا على إنشاء أسواق المدن واهتموا بتأمين التجارة وقوافلها والعمل على راحتها فأنشأوا الخانات على امتداد الطرق التجارية التى تربط المدن وتبلور نظام تخطيط الأسواق وعمارتها فى العصر المملوكى بحيث حدد لكل أهل تجارة مكاناً لهم يختصون فيه بتجارتهم وكان بناء الأسواق عبارة عن مجموعة من الحوانيت تطل على ساحة مكشوفة فى الوسط وظهرها إلى الخارج وتعلو هذه الحوانيت وحدات سكنية كانت تؤجر لمن يرغب فى السكنى . ويبدو أن هذا النمط هو الذى كانت عليه القيساريات والوكالات التى نشأت فى القاهرة والمدن الأخرى وارتبطت هذه المنشآت ارتباطاً وثيقاً بالأوضاع الاقتصادية السياسية لحياة المدينة واهتم المماليك بهذه المنشآت نظراً للدور الذى لعبه المماليك فى تاريخ التجارة الدولية فى ذلك العصر نتيجة انقطاع طرق التجارة البرية من الشرق إلى أوربا بسبب حرب المغول والصليبيين واتخاذ الطرق البحرية مروراً بالبحر الأحمر ، ثم عبر أراضى مصر إلى البحر المتوسط فمثلت الأسواق المملوكية والمنشآت التجارية محورا تجاريا.