نظام الارتباط والربط فى شعر البحترى

Faculty Art Year: 2008
Type of Publication: Theses Pages: 247
Authors:
BibID 10390030
Keywords : الشعر العربى    
Abstract:
المقدمـــــة :هذا بحث عنوانه ” نظام الارتباط والربط في شعر البحتري” ، والنظام هو الأسلوب الذي تتبعه العربية في رصف مبانيها ، أو بعبارة أخرى هو الصيغ التجريدية المتعارف عليها بين أبناء الجماعة اللغوية ” وهذه الصيغ التجريدية ثابتة (الفعل + الفاعل)، (المبتدأ + الخبر) مثلاً ، وهي محددة ، ويمكن حصرها وتحديدها ... والصيغ النحوية لا تحمل أية دلالة غير التجريد ، ولذلك يمكن أن يصاغ لها عبارات مفرغة من الدلالة إلا من دلالة الصيغ النحوية فقط”( ).وهذا النص يوحي بأنه لا أهمية لدراسة هذا النظام طالما يقوم على صيغ تجريدية ثابتة ، حقاً إن النظام ثابت ، وتأتي الأهمية من المعاني النحوية التي يحملها هذا النظام ، بالإضافة إلى أن هذا النظام قد يحمل معاني سطحية يمكن من خلالها التعرف على المعاني الدلالية التي تحملها البنية العميقة حتى ينشأ المعنى المراد؛ لذا فالبحث ”يتضمن وصفاً وتحليلاً للنظام الذي يجري عليه الائتلاف بين مكونات الجمل، وبين الجمل بعضها وبعض، حتى ينشأ المعنى الدلالي العام المستفاد”( ) .والارتباط هو : بناء علاقة نحوية سياقية بين معنيين كانا في حيز الانفصال دون حاجة إلى وساطة لفظية ، فهي علاقة ارتباط معنوية أشبه بعلاقة الشيء بنفسه ، كما أن هناك أكثر من ترجمة لمصطلح Collocation منها : التساوي ، ويقصد به الترابط الأفقي الطبيعي ما بين الكلمات ، أي تصاحب الكلمة مع كلمة أو كلمات أخرى مثل : كذبة أبريل ، وحللت أهلاً( )وأما المقصود بالربط نشوء علاقة نحوية سياقية بين معنيين باستعمال أداة ربط كالواو مثلاً ، ”وهو قرينة لفظية على اتصال أحد المترابطين بالآخر”( ) ، وعن طريق هذه الوساطة اللفظية يدخل ”أحد المترابطين في عموم الآخر”( ) ، وتظهر قيمة الربط ”باعتباره عنصراً أساسياً من عناصر التماسك بين أجزاء الجملة تفيد أن اللبس في فهم الانفصال”( ).ووسيلة الاتصال هي اللفظة ، ومن ثم ينشأ الاتصال اللفظي الذي هو ”الأساس الذي يبنى عليه التفاعل اللغوي بين الناس ، وإنه الوسيلة التي نكتسب بها منذ الصغر المعرفة والقيم في مجتمعنا، كما أنه دعامة التطور المعرفي في تاريخ الإنسان ودليله ، ومن هنا كان اللسان دليلاً على الإنسان”( ) .وإذا كان البحث يتناول الشعر أو لغة الشعر ، فإن النحو سوف يكون المنطلق ، وأحد الأبنية التي سوف يعتمد عليها في تفسيره، لأن ”العلاقات النحوية في النص على مستواه الأفقي هي التي تخلق أبنيته التصويرية والرمزية، وعلى مستواه الرأسي هي التي توجد توازيه وأنماط التكرار فيه وتحكم تماسكه واتساقه ، وهذا كله يؤسس بنية النص الدلالية”( ) .• أهداف البحث :هناك أهداف كثيرة يحاول البحث أن يحققها ، منها :-أولاً : الإجابة على سؤال: هل النظام اللغوي عند البحتري هو نفسه نظام اللغة ذاتها ، أم كان للشاعر نظام آخر؟ أو بمعنى آخر : هل جاوز الشاعر هذا النظام ، وكان له خروج عليه؟ وإذا كان هناك ”مجاوزة” فهل هي مقصودة لذاتها ، أم غير متعمدة؟ هناك يسجل البحث هذه ”المجاوزة” ويفسرها من وجهة نظر دلالية .ثانياً : يحاول البحث تمحيص علاقات الارتباط التلاؤمية الأفقية التي تنشأ بين دلالات مكونات الجملة ، ومحاولة التوصل إلى الصلة بين تلك العلاقات وعلاقات الارتباط والربط بين المعاني النحوية الوظيفية داخل الجملة .ثالثاً : يهدف البحث أن يوضح الغموض الذي قد يعتري المعنى الدلالي العام للجملة ، وينشأ من ذلك تعدد احتمالات التأويل ، فيعرض المعنى حال الارتباط وحال الانفصال ، وبالتالي تنصح أهمية الارتباط والربط.رابعاً : تمحيص نظرية ” تضافر القرائن” لا سيما قرينتا التضام أولاً ، والربط ثانياً ، قرينة التضام القائمة على التوارد( ) .خامساً : من خلال هذه الأهداف يتعرف البحث على أهم الخصائص الأسلوبية التي تتميز بها لغة البحتري ، ” لأن البحتري أعرابي الشعر ، مطبوع ، وعلى مذهب الأوائل ، وما فارق عمود الشعر المعروف ، وكان يتجنب التعقيد ، ومستكره الألفاظ، ووحشي الكلام.. كما كان يؤثر صحة السبك، وحسن العبارة، وحلو اللفظ، وكثرة الماء، والرونق”( ) . إذن فالتركيب اللغوي ، ومدى اهتمام الشاعر به كان له أثر كبير على ما أبدعه البحتري ، ”فاللغة هي التي صنعته ، ورسمت خطوطه وجمالياته فاستترت خلف الإيقاع والصورة ، وكانت مصادر ثروته القرآن الكريم ، والشعر العربي ، ومصادر أخرى كالعلوم العربية والطبيعة التراثية ، كل ذلك جعلت الشاعر قادراً على العطاء، ومكنته من قوة الأداء ”( ).• منهج البحث :يعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على الملاحظة المباشرة للظاهرة اللغوية( ) ، كما يعتمد على ما كتب في علم بناء الجملة ، ومستنداً إلى نظرية ”تضافر القرائن” التي عرضها د/ تمام حسان في كتابه ” اللغة العربية معناها ومبناها” والسبب :أولاً: أن هذه –في رأيي– تعد من أهم ما كتب في الدرس اللغوي الحديث؛ إذ إنها أول نظرية شاملة متكاملة ، تقدم وصفاً لأنماط اللغة وأنظمتها ، وعلاقة كل نظام منهابالأنظمة الأخرى .ثانياً : أن هذه النظرية ، وإن كانت حديثة المنشأ ، إلا أن لها جذوراً تراثية ؛ إذ تستند إلى ما كتبه ” عبدالقاهر الجرجاني” حول نظرية النظم ، وما أكده من مباحث قيمة حول الفصل والوصل وغيرها من مباحث علم المعاني .ثالثاً : أن هذه النظرية من الأهمية بمكان، حيث تعقد الصلة الوثيقة بين علم النحو وعلم المعاني، وفي التعرف على المعنى بطريق القرائن .كما يعتمد البحث على منهج علم الدلالة في الكشف عن المعاني التي يحويها النظام اللغوي، والعلاقة بين النظام اللغوي ، والمعنى الدلالي حيث إن ذلك يكون من خلال تحليل النص نفسه، ومفهوم التحليل هو فك البناء لغوياً وتركيبياً من أجل إعادة بنائه دلالياً .. وهذا يستدعى ضرورة تحديد الأجزاء المقترحة المراد تحليلها ، وبيان دورها، وكشف العلاقات بينها، وتفسير الإشارات الواردة فيها ، وملاحظة التدرج التعبيري لها، وتوافق العناصر المكونة أو تضادها ، وتوازنها أو توازيها ، وتمايز بعضها من بعض ، وإيضاح الإحالات القابعة فيها ، وطريقة نسج العلائق في شبكة القصيدة المحكمة ، وتعانق كل خيط منها مع الآخر من أجل تكوين بنية لغوية ذات صبغة فنية خاصة( ) وهذه البنية الخاصة لا تغفل جانبين هما الجانب الدلالي والجانب التداولي تتآزر فيهما المعاني الجزئية للمفردات والمعاني العامة للأساليب على مستوى الجملة في المستوى الأول ، ثم يتاح للسياقات والمقامات ، وأحوال الكلام مساحة أكبر مما أتيح لهما في الدرس اللغوي من قبل ، سواء أكان ذلك في دراسات منفصلة أو مجموعة، فيتشكل بذلك البعد الثاني وهو مستوى النص( ) . وهذا المنهج لا يجعل القاعدة أساس الاستعمال؛ بمعنى هل طابق نظام البحتري القاعدة اللغوية أم لم يطابقها؟ ، بل يسعى إلى استخلاص أو استقاء النتائج التي تجيزها الاستخدامات الفعلية ، وهو يعتمد على أغلب المصطلحات والمفاهيم المستخدمة في نحو الجملة ؛ إذ يرتكز نحو النص عليها أيضاً ارتكازاً شديداً يستحيلالفصل بينهما( ).وهذا المنهج الذي يسير عليه البحث ينطلق من القواعد الجزئية محاولاً الوصول إلى فهم مقبول لعناصر النص ، ولكي يكون هذا التحليل تحليلاً نصيًّا ، لابد أن يؤسس على النص نفسه، ولا يصبح النص نصّاً إلا إذا كان رسالة لغوية تشغل حيزاً معيناً فيها جديلة محكمة مضفورة من المفردات ، والبنية النحوية ، وهذه الجديلة تؤلف سياقاً خاصاً بالنص نفسه ينبث فيأبناء اللغة المعينة( ) .• خطوات تحقيق المنهج كالآتي :أولاً : التعرف على العلاقة نحوياً ، وذلك من خلال تمهيد نظري، ليس المقصود منه بسط أحكامها النحوية ، فذلك مفصل في كتب النحو بل عرض المعاني الوظيفية والتركيبية والدلالية التي اشتملتها هذه العلاقات .ثانياً : بيان الأنماط التركيبية التي اشتملتها هذه العلاقات .ثالثاً : بيان الأنماط الأكثر شيوعاً وتفسيرها تفسيراً دلالياً .ولتحقيق هذا المنهج سوف يعتمد البحث على المراجع الأصيلة في النحو ، ملتمساً منها الآراء النحوية ، ثم معالجتها بما كتب في مناهج البحث اللغوي المعاصر ، لاسيما ما كتبه علم النص ، كما يعرج على بعض ما كتب في مبادئ النقد الأدبي الحديث وذلك عند تفسير العلاقات دلالياً ؛ متكئاً على الرسائل العلمية التي تناولت جوانب الإبداع عند البحتري ، محاولاً أن يقتنص المعاني ، وإبداء الآراء حول المختلف عليها .وقد كانت الدراسة التطبيقية على الديوان كالآتي :يضم الديوان (933) قصيدة ، تضم (15.950) بيتاً( ) ، وهذه القصائد متنوعة ما بين القصائد الطوال والمتوسطة والمقطوعات القصار؛ لذا رأي البحث أن تشمل الدراسة كل هذه المستويات الثلاثة بنسبة لا تقل عن ثلاثين بالمائة من حجم الديوان . مع الأخذ في الاعتبار أن ذلك ليس تحديداً ، بل قد يفارق التطبيق القصائد المحددة ، إذا ما كان ذلك يخدم البحث حتى لتشعر أن التطبيق يشمل الديوان كله( ) .*- اشتملت الدارسة التطبيقية على الديوان كالآتي :تأتي الدراسة على قصائد يتم اختيارها عشوائياً من مستويات الديوان المتنوعة ، فيتم التطبيق على قصائد طوال ، ومتوسطة ، ومقطوعات ، وبذا تشمل الدراسة وتستوعب المستويات الثلاثة ؛ انطلاقاً من الجزء إلى الكل ، ومن التخصيص إلى التعميم .وينبغي أن يوضع في الاعتبار أن القصائد الطوال هي التي تزيد على ثلاثين بيتاً ، والمتوسطة التي تبدأ من (11 – 30) بيتاً ، والمقطوعات من (1- 10) أبيات .وبعد حصر هذه القصائد وجد أنها قد تزيد على ثلاثين بالمائة من حجم الديوان كله ، ولا يكتفي التطبيق على هذه القصائد، بل قد يتجاوزها إلى غيرها من الشواهد إذا ما اقتضى الأمر.• الدراسات السابقة :هناك كثير من الدراسات السابقة التي استأنس بها البحث من قريب تمس صلب البحث ، ومن بعيد يستند إليها، ويضيفان لبنة قوية إلى مسام البحث وجسده ، لذا يسعى البحث أن يحفر لنفسه موضع قدم بين كل هذه الدراسات عن طريق توسيع الجانب التطبيقي في علم بناء الجملة، وعلم الدلالة ، وعلم الأسلوب ، وسوف يسعى البحث إلى عدم تقديم القاعدة على الاستعمال إلا لظروف تقضيها طبيعة البحث ؛ ومن هذه الدراسات :• نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربية لمصطفي حميدة ، وفي هذه الدراسة يسعى صاحبها إلى وضع منهج جديد لدرس بناء الجملة، لذا اقتصرت الدراسة على الدراسة التنظيرية، وهي في جوهرها تنتمي إلى نظريتين إحداهما تراثية وهي نظرية ”التعليق” التي عرضها عبدالقاهر الجرجاني في كتابه ” دلائل الإعجاز ” ، والثانية : تنتمي إلى الدرس اللغوي المعاصر وهي نظرية ” تضافر القرائن ” لاسيما القرائن المعنوية توضع تماماً بإزاء قانون الفصل والوصل . وقد استفاد منها البحث –كثيراً- في تقسيم البحث إلى قسمين : ارتباط وربط ؛ لكنه أخذ واستند إلى الجانب التطبيقي على لغة الشعر الفصيح .• البيان في روائع القرآن لتمام حسان ، وقد استفاد منها البحث استفادة مباشرة بما كتب عن القرائن ، كقرينة التضام والربط ، وما كتب في الفصل الثالث عشر من الجزء الأول من الدراسة عن العلاقات الملحوظة في النص القرآني ، وما كتب عن الأسلوب العدولى في الفصل الثالث من الجزء الثاني من الدراسة .• دراسات لغوية تطبيقية في العلاقة بين البنية والدلالة ، لسعيد حسن بحيرى ، وقد اعتمد عليها البحث – لا سيما في الجانب التطبيقي الذي جاء فيه على القرآن الكريم عند الحديث عن أشكال الربط، وتضافر العناصر الإشارية والإحالية في تماسك النص، كالبنية الإحالية لضمير الذات والشأن والفصل والإشارة ، وما كتب عن التقديم والتأخير والحذف والذكر.• أنظمة الربط في العربية ، دراسة في التراكيب السطحية بين النحاة والنظرية التوليدية التحويلية لحسام البهنساوي، وقد اعتمد عليها البحث في التعرف على أنظمة الربط في اللغة وأشكالها ، وعلاقة البنية السطحية بالبنية العميقة ، مما أضفى على البحث سمة التحديث ، وبعد به – قليلاً عن التقليدية .• الدلالة والنحو لصلاح الدين صالح حسنين ، وفي هذه الدراسة لمحة جديدة ، وإشارة ذكية إلى أن الاستعمال يحكم القاعدة لا العكس ، فهناك من يطوع القاعدة للاستعمال اللغوي فيجعل من الشعر –مثلاً – دليلاً على صحة القاعدة ، مع أن الأولى أن نستنبط القاعدة من الاستعمال اللغوي، وهذا ما يسعى البحث لصنعه ، حيث يتعلق به ، ويتشبث بأذياله ، وقد يخفق –أحياناً- إذا ما أراد الوصول إلى هذه الغاية الشريفة( ) .• بناء الجملة العربية ، لمحمد حماسة عبداللطيف ، وفيها يتحدث صاحبها عن نظام اللغة النحوي ، كاشفاً عن الجوانب المتعددة المتداخلة المترابطة لهذا النظام ، وهذا التعدد جعل الكثيرين من النحاة واللغويين يحاول الكشف عن أبعاد هذا النظام ويحاول كشف أسراره ودخائله ، ولذا كثرت كتب النحو ومؤلفاته ؛ لأن كلاً منها يريد أن يلتمس سراً ، ويسعى للكشف عنه ، ومن هنا سعى البحث ليكشف عن العلاقات علاقات الارتباط والربط التي تحكم هذا النظام ، وتبين كيف كان هذا النظام المحكم ، والبناء الدقيق مقوماً من المقومات التي اعتمد عليه الشعراء في اقتناص معانيهم ، ويجعل ” معاني النحو ” هي المدخل الذي يستند إليه عند التحليل اللغوي لقصائد البحتري( ) .وبعد هذا العرض ، رأي الباحث أن يأتي بحثه على قسمين وعلى بابين :الباب الأول : علاقات الارتباط في شعر البحتريويضم هذا الباب ثمانية فصول كالآتي :الفصل الأول : الارتباط بعلاقة الإسناد .الفصل الثاني : الارتباط بعلاقة الإضافة .الفصل الثالث : الارتباط بعلاقة الملابسة .الفصل الرابع : الارتباط بعلاقة الظرفية .الفصل الخامس : الارتباط بعلاقة التحديد والتوكيد .الفصل السادس : الارتباط بعلاقة السببية .الفصل السابع : الارتباط بطريق التمييز .الفصل الثامن : الارتباط بطريق التوابع .ويشمل ثلاثة مباحث :المبحث الأول : النعتالمبحث الثاني : التوكيدالمبحث الثالث : البدلالباب الثاني : الربط في شعر البحتريويضم :أولاً : تمهيد عن مفهوم الربط وأشكالهثانياً : فصلان :الفصل الأول : الربط بالضمير وما يجرى مجراه .الفصل الثاني : الربط بالأدوات .ثالثاً : خاتمة ، وتشمل*- أهم الاستنتاجات*- المصادر والمراجع . 
   
     
PDF  
       
Tweet