جرائم التعذيب فى القانون المصرى والمقارن فى ضوء الحماية الجنائية لحقوق الإنسان

إن نطاق الدراسة الذي نتعرض لها سوف تكون متسعة بحيث تشمل الجرائم التي لها علاقة وثيقة بسلامة جسد الإنسان. فحياة الإنسان هي أغلى ما في الوجود لأن تلك الحياة هي قيمة مطلقة فردية واجتماعية، فمن جماع حياة البشر يوجد المجتمع، فحياة المجتمع وهي قيمة اجتماعية ما هي إلا تجميع لعدد غير محدد من حالات فردية للحياة الإنسانية. ولا شك أيضًا في أهمية ما يتفرع عن تلك الحياة من حقوق تتعلق بصيانتها من الأذى الذي قد يترتب عليه الإضعاف من قيمتها لدى صاحبها أو لدى المجتمع .. ومن هنا تأتي أهمية نطاق دراستنا في هذا البحث وهو تجريم صور الاعتداء على سلامة الجسد أي دراسة (جرائم التعذيب في القانون المصري المقارن وبصفة خاصة جريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف في ضوء تلك الحماية الجنائية التي يفرضها القانون الجنائي للحق في سلامة الجسم باعتبارها حق أصيل من حقوق الإنسان سواء في التشريع المصري من خلال المادة 126 عقوبات والمادة 581 من قانون العقوبات الإيطالي، وأيضًا المادة 309 من القانون الفرنسي وكذلك في القانون الأنجلوأمريكي وذلك بعد تصديق جميع الدول على اتفاقية مناهضة التعذيب والتي صدرت من المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وطبقته المحكمة الجنائية الدولية من خلال المادة السابعة في نظامها الأساسي وتبدو هذه الأهمية لجريمة التعذيب على الصعيدين الداخلي والدولي لأنها جريمة تتسع غاياتها لتشمل الحصول على اعتراف أو معلومات لتعظيم العقاب على الشخص المعذب أو لإشاعة جو من الخوف نحوه أو نحو أقرانه؛ أضف إلى ذلك أن فعل التعذيب يصدر عن روح عنصرية تظهر معالمها الخارجية في إذلال الأشخاص أو إذلال الشعوب الخاضعة لسيطرة قوة محتلة .. وعلى الصعيد الداخلي فإن التشريعات الوطنية تشدد العقاب على الموظفين العموميين أو المستخدمين الذين يأمرون بتعذيب المتهم أو يفعلون ذلك بأنفسهم لإجباره على الاعتراف (حماية لهذا الأخير) وضمانًا لحقه في سلامة جسمه باعتبار أن الحق أحد الدعامات التي تقوم عليها الحرية الشخصية.