العقائد الفنيقية فى اقليم المدن الطرابلسية الثلاث من العصور الأولى ق.م. وحتى القرن الأول ق.م

Faculty Art Year: 2001
Type of Publication: Theses Pages: 201
Authors:
BibID 10817237
Keywords : الحضارة الفينيقية    
Abstract:
يتناول هذا البحث : 1- إن المُعتقدات الدينية الفينيقية لم تكن فينيقية صِرفة ـ في بعض الأحيان ـ حيث أن هذه الديانة تحتوي على عناصر مؤكدة ذات بصامات من مصر، أو من إفريقية ، بالإضافة إلى العديد منها - البصامات - كالإغريقية على سبيل المثال ، بالإضافة إلى دوام النفوذ المصري والذي بلغ في بعض الأحيان سيطرة مصر وعلى مراحل متفاوتة على الساحل السوري بأسره ، فلا بد وأنه قد ترك أثراً ما من حيث مزج عناصر عقائدية مصرية بالعقائد الفينيقية ، ولتنتقل هذه المعتقدات عبر عُباب البحار جنب إلى جنب مع التجار الفينيقيين وهم يجوبون البحار بتجارتهم والتي لاقت رواجاً كبيراً منذ بدايات الألف الأولى قبل الميلاد ، ويتضح هذا الأمر من خلال التماثيل الصغيرة والمصنوعة من مواد متنوعة والتي تحمل خصائص مصرية ، فكثيراً ما شُبهت المعبودات الفينيقية في الاعتقاد الشعبي الفينيقي بشبيهاتها المصرية كما حـدث فـي تشبيه الإلـهه ” بعلات ” بالإلهه المصرية ” ايزيس ” وغيرها ، ويمكننا ملاحظة هذا التأثير أيضاً على العديد من الشواهد المعمارية كالمقابر والأضرحة والمعابد الفينيقية والبونيقية فيما بعد ، كما هو الحال بالنسبة لتأثير المصري على الضريح البونيقي في مدينة صبراته ، وكذلك على الضريح البونيقي في مدينة قسطنطينة في الجزائر ، و لم يقتصر هذا التاثير على الجانب المعماري فحسب فقد إنتشرت عبادة العديد من الآلهة المصرية في المدن البونيقية بغض النظر عن ماهية عَابديها وخير مثال على ذلك انتشار عبادة الإله المصري ”بيس” .2-إن الكثير من الباحثين لم يستوعبوا فكرة تضحية الفينيقيون بالقرابين البشرية وذلك مرده إلى أن بعضهم تأثر بما أورده الكُتّاب الكلاسيكيين القدماء والبعض الآخر تأثر بما ورد في الكُتب المقدسة حول هذه الطقوس والتي كانت تدور فحواها حول نبذها باعتبارها عادة وحشية ، ولكن مما لا شك فيه كون هذه التضحية بالنسبة للفينيقيين في تلك المناسبات ذات قيمة رمزية وذو أهمية بالغة بالنسبة لهم ، وخصوصاً وإذا عرفنا مدى تعلق الشرقيين ومن بعدهم البونيقيين بأطفالهم ، وتلك كانت تعبيراً منهم على تقديم أغلى ما لديهم إلى الآلهة من أجل إرضائها وتهدئة غضبها والتقرب منها ، وقد كانت تتم هذه الممارسات الدينية والتي تُقدم فيها الأضاحي بصورة تتناسب وطبيعة الإله أو الإلهه المقدمة له الأضحية ، بالإضافة إلى أنها تتناسب وحجم المناسبة المقدمة فيها فكلما زاد الخطر زاد حجم ومقدار الضحية والأمثلة على ذلك كثيرة ، وأما إذا نظرنا إلى هذه المُمارسات بعين ذلك الزمن فهي تُمثل أسمى وأرقى أنواع العبادات والتي تدل فيما تدل على قوة الو اعز الديني لدى الفينيقيين ومن بعدهم البونيقيين ، إضافة إلى كونها تعني وحسب اعتقادهم بأن الشخص المضحى به سيبقى حياً بعد الموت وسيتمتع بحياة سعيدة وينال حظاً أكثر من غيره ، لأنه سيكون مقرباً من الآلهة ، ومما هو جدير بالذكر أنه قد حدث تحول في نوعية هذه الضحية فبعد أن كانت الأضاحي المقدمة آدمية إتجه البونيقيون إلى استبدالها بأضاحي حيوانية ثم بأضاحي أخرى كالعطور والتماثيل مثلاً .3- إن من النقاط أوجه الاختلاف بين الديانة الفينيقية ووريثتها البونيقية هي قضية الاختلاف في طقوس عبادة الإله بعل في الشرق عنها في الغرب فيبدوا من خلال التسميات التي وردت لهذا الإله من كونه إلهاً لدعامات المقدسة والتي اعتبرت إحدى السمات المميزة لعبادة هذا الإله كما تدل على ذلك النقوش النبطية والتدمرية فإن هذه التسمية في مضمونها تُشير إلى الاختلاف الواضح بين الإلهيين ، حيث أن نصوص رأس شمراء تُشير إلى أنه لم يكن للإله بعل حامون معبداً على حين أنه كان لسائر الآلهة الأخرى معابد ، بالإضافة إلى كونه الإله الوحيد من بين مجمع الآلهة الفينيقية والذي لم يجعل له فيلون البيبلوسي ميلاداً من أم كميلاد سائر الكائنات الفانية ، وربما يتناقض هذا الأمر تماماً مع عبادة هذا الإله ذاته في الغرب فكان له معبد ويتضح من خلال ما ذكره المؤرخ ديودور الصقلي حين تناول بالوصف تمثال الإله بعل حامون في مدينة قرطاجة ، بالإضافة إلى أنه قد تم الكشف عن العديد من النصب التذكارية النذرية والتي يظهر فيها الكهنة وهم يقومون بحرق القرابين أيّاً كان نوعها أمام الإله الجالس على عرش تحفة من الجانبين إسفنكسيين حيث تصور بعضها ما يُشبه المعبد وبعضها الآخر يصور ما يُشبه مداخل المعابد . 4- بالإضافة إلى أنه قد حدث الكثير من التغيرات على الديانة الفينيقية بعد انتقالها إلى الغرب ونُشير في هذا المقام إلى قول شارل اندريه جوليان ” إن غايات العقيدة ومظاهرها تخضع لمؤثرات المكان والزمان معاً ، فعندما انتقلت الديانة الفينيقية إلى إفريقيا طرأت عليها العديد من التغيرات ولم تبقِ الديانة البونيقية ـ منذ أن اكتملت ـ هي هي حتى إنهـيار قرطاجة ” ، فقد حَلت عبادة الإلهه تانيت محل عبادة الإلهه عشترت ، كما أن الدعارة المقدسة والتي تُعتبر من طقوس عبادة الإله عشترت في الشرق لا يوجد ما يدل على ممارستها في الغرب بما فيها إقليم المدن الثلاث. 
   
     
PDF  
       
Tweet